فصل: الحديث الثَّالِث عشر:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: البدر المنير في تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في الشرح الكبير



.الحديث السَّادِس:

عَن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ: «صليت الرَّكْعَتَيْنِ قبل الْمغرب عَلَى عهد رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم. قيل لَهُ: رآكم رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ قَالَ: نعم رآنا، فَلم يَأْمُرنَا وَلم ينهنا».
هَذَا الحَدِيث صَحِيح رَوَاهُ مُسلم فِي صَحِيحه بِلَفْظ عَن أنس: «كُنَّا نصلي عَلَى عهد رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم رَكْعَتَيْنِ بعد غرُوب الشَّمْس قبل الْمغرب، فَقيل لَهُ: أَكَانَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم صلاهما؟ قَالَ: كَانَ يَرَانَا نصليهما، فَلم يَأْمُرنَا وَلم ينهنا».
وَاللَّفْظ الَّذِي سَاقه الرَّافِعِيّ أخرجه أَبُو دَاوُد وَالْقَائِل لأنس هُوَ الْمُخْتَار بن فلفل.

.الحديث السَّابِع:

عَن ابْن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما أَنه قَالَ: «مَا رَأَيْت أحدا يُصَلِّي قبل الْمغرب رَكْعَتَيْنِ عَلَى عهد النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم».
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سنَنه بِإِسْنَاد حسن عَن طَاوس قَالَ: «سُئِلَ ابْن عمر عَن الرَّكْعَتَيْنِ قبل الْمغرب فَقَالَ: مَا رَأَيْت أحدا عَلَى عهد رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم يُصَلِّيهمَا وَرخّص فِي الرَّكْعَتَيْنِ بعد الْعَصْر».
قَالَ الْبَيْهَقِيّ- بعد أَن رَوَاهُ-: القَوْل فِي هَذَا قَول من شَاهد دون من لم يُشَاهد.

.الحديث الثَّامِن:

عَن عبد الله بن مُغفل رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «صلوا قبل الْمغرب رَكْعَتَيْنِ. قَالَ فِي الثَّالِثَة: لمن شَاءَ».
هَذَا الحَدِيث صَحِيح، رَوَاهُ البُخَارِيّ بِلَفْظ: «صلوا قبل صَلَاة الْمغرب. قَالَ فِي الثَّالِثَة: لمن شَاءَ؛ كَرَاهِيَة أَن يتخذها النَّاس سنة».
هَذَا لَفظه هُنَا وَفِي الِاعْتِصَام.
وَوَقع فِي جَامع المسانيد لِابْنِ الْجَوْزِيّ أَنه مُتَّفق عَلَيْهِ، وَلَيْسَ كَمَا ذكره، إِنَّمَا هُوَ من أَفْرَاد البُخَارِيّ.
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِلَفْظ: «صلوا قبل الْمغرب رَكْعَتَيْنِ. ثمَّ قَالَ: صلوا قبل الْمغرب رَكْعَتَيْنِ لمن شَاءَ. خشيَة أَن يتخذها النَّاس سنة».
رَوَاهُ أَحْمد كَذَلِك وَقَالَ: «كَرَاهِيَة» بدل «خشيَة».
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي أكبر معاجمه بِلَفْظ: «خشيَة أَن يحسبها النَّاس سنة».
وَرَوَاهُ أَبُو حَاتِم بن حبَان فِي صَحِيحه بِزِيَادَة «أَنه عَلَيْهِ السَّلَام يُصليهَا» وَهُوَ من الْفَوَائِد الجليلة وَهَذَا لَفظه: «أَنه عَلَيْهِ السَّلَام صَلَّى قبل الْمغرب رَكْعَتَيْنِ ثمَّ قَالَ: صلوا قبل الْمغرب رَكْعَتَيْنِ. ثمَّ قَالَ عِنْد الثَّالِثَة: لمن شَاءَ. خَافَ أَن يحسبها النَّاس سنة».
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيث عبد الله بن مُغفل أَيْضا أَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «بَين كل أذانين صَلَاة- قَالَهَا ثَلَاثًا- قَالَ فِي الثَّالِثَة: لمن شَاءَ».
وَفِي أَفْرَاد مُسلم: «قَالَ فِي الرَّابِعَة: لمن شَاءَ» وَلأَحْمَد: «بَين كل أذانين صَلَاة- ثَلَاث مَرَّات- لمن شَاءَ».
وللبيهقي: «بَين كل أذانين صَلَاة مَا خلا الْمغرب». وَهِي ضَعِيفَة كَمَا بَينهَا ابْن خُزَيْمَة وَالْبَيْهَقِيّ وَابْن حزم، وَإِن أقرها بعض شُيُوخنَا.

.الحديث التَّاسِع:

عَن أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «من أحب أَن يُوتر بِخمْس فَلْيفْعَل، وَمن أحب أَن يُوتر بِثَلَاث فَلْيفْعَل، وَمن أحب أَن يُوتر بِوَاحِدَة فَلْيفْعَل».
هَذَا الحَدِيث صَحِيح، رَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي سُنَنهمْ وَأَبُو حَاتِم بن حبَان فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه، وَلَفظ أَحْمد: «أوتر بِخمْس، فَإِن لم تستطع فبثلاث، فَإِن لم تستطع فبواحدة، فَإِن لم تستطع فأومئ إِيمَاء».
وَلَفظ أبي دَاوُد: «الْوتر حق عَلَى كل مُسلم؛ فَمن أحب أَن يُوتر بِخمْس...» إِلَى آخِره.
وَلَفظ أبي دَاوُد مثله بِزِيَادَة: «وَمن شَاءَ أوتر أَوْمَأ إِيمَاء» وَفِي رِوَايَة لَهُ زِيَادَة فِي أَوله وَهِي: «فَمن شَاءَ أَن يُوتر بِسبع فَلْيفْعَل».
وَلَفظ ابْن مَاجَه: «الْوتر حق، فَمن شَاءَ أَن يُوتر بِخمْس...» إِلَى آخِره.
وللدارقطني أَلْفَاظ: أَحدهَا: «الْوتر حق، فَمن شَاءَ فليوتر بِخمْس، وَمن شَاءَ فليوتر بِثَلَاث، وَمن شَاءَ فليوتر بِوَاحِدَة». ثَانِيهَا: «الْوتر خمس أَو ثَلَاث أَو وَاحِدَة». ثَالِثهَا: «الْوتر حق؛ فَمن شَاءَ أوتر بِسبع، وَمن شَاءَ أوتر بِخمْس وَمن شَاءَ أوتر بِثَلَاث، وَمن شَاءَ أوتر بِوَاحِدَة». رَابِعهَا: «أوتر بِخمْس» إِلَى آخِره كَمَا سلف عَن رِوَايَة أَحْمد. خَامِسهَا: «الْوتر حق، فَمن شَاءَ يُوتر بِخمْس، وَمن شَاءَ فليوتر بِثَلَاث، وَمن شَاءَ أَن يُوتر بِرَكْعَة، وَمن لم يسْتَطع إِلَّا أَن يُومِئ فليومئ».
وَلابْن حبَان أَلْفَاظ: أَحدهَا: «الْوتر حق، فَمن أحب أَن يُوتر بِخمْس فليوتر، وَمن أحب أَن يُوتر بِثَلَاث فليوتر، وَمن أحب أَن يُوتر بِوَاحِدَة فليوتر، وَمن غَلبه ذَلِك فليومئ إِيمَاء». ثَانِيهَا: «الْوتر حق، فَمن شَاءَ فليوتر بِخمْس...» إِلَى آخِره كَمَا سلف فِي اللَّفْظ الأول للدارقطني. ثَالِثهَا: كَالْأولِ.
وَلَفظ الْحَاكِم: «الْوتر حق، فَمن شَاءَ فليوتر بِخمْس، وَمن شَاءَ فليوتر بِثَلَاث، وَمن شَاءَ فليوتر بِوَاحِدَة».
قَالَ النَّسَائِيّ: رُوِيَ هَذَا الحَدِيث مَوْقُوفا عَلَى أبي أَيُّوب وَهُوَ أولَى بِالصَّوَابِ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: كَذَا رَوَاهُ عدي بن الْفضل، عَن معمر مُسْندًا، وَوَقفه عبد الرَّزَّاق، عَن معمر، وَوَقفه أَيْضا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، وَاخْتلف عَنهُ.
وَقَالَ الْحَاكِم: هَذَا حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ وَلم يخرجَاهُ وَقَالَ: وَقد تَابعه مُحَمَّد بن الْوَلِيد الزبيدِيّ وسُفْيَان بن عُيَيْنَة وسُفْيَان بن حُسَيْن وَمعمر بن رَاشد وَمُحَمّد بن إِسْحَاق وَبكر بن وَائِل عَلَى رَفعه. ثمَّ سَاق ذَلِك بأسانيده، فَفِي لفظ: «الْوتر خمس، أَو ثَلَاث، أَو وَاحِدَة» وَفِي آخر: «الْوتر حق، فَمن شَاءَ أوتر بِثَلَاث، وَمن شَاءَ أوتر بِخمْس، وَمن أحب أَن يُوتر بِوَاحِدَة فليوتر بِوَاحِدَة...» وَفِي آخر: «أوتر بِخمْس، فَإِن لم تستطع فبثلاث، فَإِن لم تستطع فبواحدة، فَإِن لم تستطع فأومئ إِيمَاء».
ثمَّ قَالَ- أَعنِي: الْحَاكِم-: لست أَشك أَن الشَّيْخَيْنِ تركا هَذَا الحديث إلا لتوقيف بعض أَصْحَاب الزُّهْرِيّ إِيَّاه. قَالَ: وَمثل هَذَا لَا يُعلل هَذَا الحَدِيث.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي خلافياته: هَذَا الحَدِيث مُخْتَلف فِي رَفعه إِلَى رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قَالَ الذهلي: وَالْأَشْبَه وَقفه. قَالَ: وَلأَجل اختلافه تَركه الشَّيْخَانِ.
وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم فِي علله: سَأَلت أبي عَنهُ: أَيّمَا أصح فِيهِ طَرِيق الْوَصْل أَو الْإِرْسَال؟ فَقَالَ: لَا هَذَا وَلَا هَذَا، هُوَ من كَلَام أبي أَيُّوب.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي علله: الَّذين وَقَفُوهُ عَن معمر أثبت مِمَّن رَفعه.
وَخَالف ابْن الْقطَّان فنحا إِلَى مَا قَالَه الْحَاكِم فَقَالَ: هَذَا الحَدِيث مُخْتَلف فِيهِ رَفعه قوم عَن الزُّهْرِيّ، عَن عَطاء بن يزِيد، عَن أبي أَيُّوب، عَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم وَوَقفه آخَرُونَ، وَكلهمْ ثِقَة، فَيَنْبَغِي أَن يكون القَوْل فِيهِ قَول من رَفعه؛ لِأَنَّهُ حفظ مَا لم يحفظ واقفه.
قَالَ الرَّافِعِيّ: وَرُوِيَ: «الْوتر حق، وَلَيْسَ بِوَاجِب».
وَهَذِه الرِّوَايَة لم أَقف عَلَى من خرجها بعد الْبَحْث الشَّديد عَن طرق هَذَا الحَدِيث، وَعَزاهَا الْمجد ابْن تَيْمِية فِي أَحْكَامه إِلَى رِوَايَة ابْن الْمُنْذر فِي هَذَا الحَدِيث. وَذكرهَا الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق فِي مهذبه. وَأما الْمُنْذِرِيّ فَإِنَّهُ أسقطها وَلم يتَكَلَّم عَلَيْهَا. وَأما النَّوَوِيّ فَقَالَ فِي شَرحه: إِنَّهَا غَرِيبَة لَا أعرف لَهَا إِسْنَادًا صَحِيحا.
قلت: وَفِي الدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيث أبي أَيُّوب أَيْضا: «الْوتر حق وَاجِب، فَمن شَاءَ فليوتر بِثَلَاث فليوتر، وَمن شَاءَ أَن يُوتر بِوَاحِدَة فليوتر بِوَاحِدَة» وَفِي إسنادها: مُحَمَّد بن حسان الْأَزْرَق، قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ فِي تَحْقِيقه: ضَعَّفُوهُ.
قلت: لَا، بل وثقوه كَابْن أبي حَاتِم وَأبي حَاتِم بن حبَان وَالدَّارَقُطْنِيّ وَغَيرهم، وَلَا نعلم أحدا ضعفه.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي سنَنه: قَوْله: «وَاجِب» لَيْسَ بِمَحْفُوظ، وَلَا أعلم أحدا تَابع ابْن حسان عَلَى ذَلِك.
قَالَ ابْن الْقطَّان: هُوَ مِمَّا انْفَرد بِهِ الثِّقَة؛ فَإِن مُحَمَّد بن حسان الْأَزْرَق ثِقَة صَدُوق. قَالَه ابْن أبي حَاتِم.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي خلافياته: وهم فِي رَفعه، وَالصَّحِيح وَقفه عَلَى أبي أَيُّوب.
قلت: وَفِي صَحِيح الْحَاكِم عَن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ: «الْوتر حسن جميل، عمل بِهِ النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمن بعده، وَلَيْسَ بِوَاجِب».
قَالَ الْحَاكِم: صَحِيح عَلَى شَرطهمَا، وَله شَوَاهِد. فَذكرهَا بأسانيده.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي خلافياته: رُوَاته ثِقَات.

.الحديث العَاشِر:

أنَّه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «الْوتر حق مسنون، فَمن أحب أَن يُوتر بِثَلَاث فَلْيفْعَل».
هَذَا الحَدِيث قد فَرغْنَا الْآن من إِيرَاد طرقه وَأَلْفَاظه، وَلَيْسَ فِيهَا هَذِه الزِّيَادَة، وَهِي: «مسنون».

.الحديث الحَادِي عشر:

عَن أبي أُمَامَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْه: «أَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُوتر بِسبع رَكْعَات».
هَذَا الحَدِيث من هَذَا الْوَجْه بيضت لَهُ مُدَّة عزيزة، وتطلبه ابْن الرّفْعَة فِي مطلبه فَلم يظفر بِهِ وَقَالَ: لم أر من خرجه.
وَقد ظَفرت بِهِ- بِحَمْد الله- فِي كتابين جليلين: مُسْند الإِمَام أَحْمد ومُعْجم الطَّبَرَانِيّ الْكَبِير روياه من حَدِيث عمَارَة، عَن أبي غَالب، عَن أبي أُمَامَة أَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم «كَانَ يُوتر بتسع رَكْعَات، فَلَمَّا بدن وَكثر لَحْمه أوتر بِسبع وَصَلى رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ جَالس يقْرَأ فيهمَا: {إِذا زلزلت} و{قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ}».
وَعمارَة هَذَا قَالَ خَ: رُبمَا يضطرب فِي حَدِيثه. وَقَالَ أَحْمد: لَهُ مَنَاكِير. وَقَالَ أَبُو حَاتِم: لَا يحْتَج بِهِ. وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: ضَعِيف- وَقَالَ د: لَيْسَ بِذَاكَ- وَقَالَ أَبُو زرْعَة: لَا بَأْس بِهِ. زَاد ابْن عدي: مِمَّن يكْتب حَدِيثه.
قلت: وَتَابعه أَبُو قبيصَة، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث يُونُس بن بكير عَنهُ، عَن أبي غَالب، عَن أبي أُمَامَة قَالَ: «كَانَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم يُوتر بتسع، فَلَمَّا ثقل أوتر بِسبع».
وَأَبُو غَالب اسْمه: حزوّر. قَالَ ابْن حبَان: لَا يحْتَج بِهِ.
قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ فِي جَامع المسانيد: «وبدّن»- مشدد- مَعْنَاهُ كبر، وَمن خفف فقد غلط؛ لِأَن مَعْنَاهُ كَثْرَة اللَّحْم، وَلَيْسَ من صِفَاته. قَالَ: وَأَبُو غَالب اسْمه: حزور، وَلَا يلْتَفت إِلَى رِوَايَته، وَالظَّاهِر أَنه رَوَاهُ بِمَا يَظُنّهُ الْمَعْنى.

.الحديث الثَّانِي عشر:

عَن أبي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «أوتروا بِخمْس أَو بِسبع أَو بتسع أَو إِحْدَى عشرَة».
هَذَا الحَدِيث صَحِيح، رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فِي سنَنه وَأَبُو حَاتِم بن حبَان فِي صَحِيحه وَالْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه وَلَفْظهمْ: «لَا توتروا بِثَلَاث، أوتروا بِخمْس أَو سبع، وَلَا تشبهوا بِصَلَاة الْمغرب».
وَلَفظ الرِّوَايَة الْأُخْرَى للْحَاكِم: «لَا توتروا بِثَلَاث، وَلَا تشبهوا بِصَلَاة الْمغرب، وَلَكِن أوتروا بِخمْس أَو بِسبع أَو بتسع أَو بِإِحْدَى عشرَة رَكْعَة أَو أَكثر من ذَلِك».
قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي خلافياته: رِجَاله كلهم ثِقَات. وَقَالَ الْحَاكِم: هَذَا حَدِيث صَحِيح عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ.

.الحديث الثَّالِث عشر:

عَن عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قَالَت: «لم يكن يُوتر رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَكْثَرَ من ثَلَاث عشرَة».
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَاد صَحِيح: بِلَفْظ «كَانَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم يُوتر بِأَرْبَع وَثَلَاث، وست وَثَلَاث، وثمان وَثَلَاث، وَعشر وَثَلَاث، وَلم يكن يُوتر بأنقص من سبع وَلَا بِأَكْثَرَ من ثَلَاث عشرَة».

.الحديث الرَّابِع عشر:

عَن أم سَلمَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قَالَت: «كَانَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم يُوتر بِثَلَاث عشرَة، فَلَمَّا كبر وَضعف أوتر بِسبع».
هَذَا الحَدِيث صَحِيح رَوَاهُ أَحْمد وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه بِاللَّفْظِ الْمَذْكُور.
قَالَ التِّرْمِذِيّ: هَذَا حَدِيث حسن.
وَقَالَ الْحَاكِم: صَحِيح عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ، وَلم يخرجَاهُ. قَالَ التِّرْمِذِيّ: وَقد رُوِيَ عَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم: «الْوتر بِثَلَاث عشرَة، وَإِحْدَى عشرَة، وتسع، وَسبع، وَخمْس، وَثَلَاث، وَوَاحِدَة».
قَالَ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه: صَحَّ وتر النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم بِثَلَاث عشرَة- إِلَى آخر مَا قَالَه التِّرْمِذِيّ- قَالَ وأصحها: وتره عَلَيْهِ السَّلَام بِرَكْعَة وَاحِدَة.
وَادَّعَى الرَّافِعِيّ فِي الْكتاب أَنه الَّذِي واظب عَلَيْهِ النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَأما ابْن الصّلاح فَقَالَ: لَا نعلم فِي رِوَايَات الْوتر مَعَ كثرتها أَنه عَلَيْهِ السَّلَام أوتر بِوَاحِدَة فَحسب.
وَقد ناقشته فِي ذَلِك فِي «تخريجي لأحاديث الْوَسِيط».
وَذكر الرَّافِعِيّ أَيْضا: أَن صَاحب النِّهَايَة حَكَى ترددًا فِي ثُبُوت الْفِعْل فِي الإيتار بِثَلَاث عشرَة، وَقد أوضحت الْكَلَام عَلَى ذَلِك فِي الْكتاب الْمَذْكُور؛ فَرَاجعه مِنْهُ.
فَائِدَة: قِيَامه من وتره جَاءَ عَلَى أَنْوَاع:
أَحدهَا: تسع رَكْعَات؛ كَمَا رَوَاهُ ابْن عَبَّاس، وَفِيه: أَنه استفتحها بِرَكْعَتَيْنِ أَطَالَ فيهمَا، لَكِن فِي حَدِيث عَائِشَة افتتاحه بِرَكْعَتَيْنِ خفيفتين، وَالظَّاهِر أَنه مقدم عَلَى حَدِيث ابْن عَبَّاس فِي ذَلِك.
ثَانِيهَا: إِحْدَى عشرَة من حَدِيثهَا.
ثَالِثهَا: ثَلَاث عشرَة من حَدِيثهَا أَيْضا، كل ذَلِك يسلم من كل رَكْعَتَيْنِ.
رَابِعهَا: ثَمَان رَكْعَات، يسلم من كل رَكْعَتَيْنِ، ثمَّ يُوتر بِخمْس لَا يجلس إِلَّا فِي آخِرهنَّ.
خَامِسهَا: تسع رَكْعَات، لَا يجلس إِلَّا فِي الثَّامِنَة والتاسعة.
سادسها: بِسبع رَكْعَات كَذَلِك، ثمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ جَالس.
سابعها: «كَانَ يُصَلِّي مثنى مثنى، ثمَّ يُوتر بِثَلَاث لَا يفصل بَينهُنَّ» ضعفه أَحْمد.
ثامنها: رَوَاهُ النَّسَائِيّ عَن حُذَيْفَة «أَنه صَلَّى مَعَ النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي رَمَضَان، فَرَكَعَ فَقَالَ فِي رُكُوعه: سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيم- مِثْلَمَا كَانَ قَائِما-
ثمَّ جلس يَقُول: رب اغْفِر لي- مِثْلَمَا كَانَ قَائِما- فَمَا صَلَّى إِلَّا أَربع رَكْعَات»
.

.الحديث الخَامِس عشر:

عَن عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها «أَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُوتر بِخمْس لَا يجلس إِلَّا فِي آخِرهنَّ».
هَذَا الحَدِيث صَحِيح، رَوَاهُ مُسلم بِلَفْظ: «كَانَ يُصَلِّي من اللَّيْل ثَلَاث عشرَة رَكْعَة، يُوتر من ذَلِك بِخمْس لَا يجلس فِي شَيْء إِلَّا فِي آخرهَا».
قَالَ عبد الْحق: وَلم يخرج البُخَارِيّ هَذَا اللَّفْظ.
وَأما الْحميدِي فَإِنَّهُ عزاهُ إِلَيْهِ، وَجَرَى عَلَيْهِ الْفَقِيه نجم الدَّين بن الرّفْعَة فِي مطلبه فَقَالَ: رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم، وَمَشى عَلَى ذَلِك عبد الْغَنِيّ فِي عمدته الْكُبْرَى والصُّغْرَى.
وَفِي مُسْتَدْرك الْحَاكِم عَنْهَا أَيْضا: «كَانَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم يُوتر بِخمْس رَكْعَات لَا يجلس إِلَّا فِي الْخَامِسَة، وَلَا يسلم إِلَّا فِي الْخَامِسَة» ثمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيث صَحِيح عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ.
وَفِي مُسْند الشَّافِعِي عَنْهَا: «كَانَ عَلَيْهِ السَّلَام يُوتر بِخمْس رَكْعَات لَا يجلس وَلَا يسلم إِلَّا فِي الْأَخِيرَة مِنْهُنَّ».
قَالَ الرَّافِعِيّ: وَيروَى عَنْهَا أَيْضا: «أَنه أوتر بتسع لم يجلس إِلَّا فِي الثَّامِنَة والتاسعة، وبسبع لم يجلس إِلَّا فِي السَّادِسَة وَالسَّابِعَة».
قلت: هَذِه الرِّوَايَة صَحِيحَة، أخرجهَا مُسلم مُنْفَردا بهَا من حَدِيث سعد بن هِشَام: قلت: «يَا أم الْمُؤمنِينَ، أَنْبِئِينِي عَن وتر رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَت: كُنَّا نعد لَهُ سواكه وَطهُوره، فيبعثه الله مَتى شَاءَ أَن يَبْعَثهُ من اللَّيْل، فيتسوك وَيتَوَضَّأ وَيُصلي تسع رَكْعَات لَا يجلس فِيهَا إِلَّا فِي الثَّامِنَة، فيذكر الله وَيَحْمَدهُ ويدعوه، ثمَّ ينْهض وَلَا يُسلم، ثمَّ يقوم فَيصَلي التَّاسِعَة ثمَّ يقْعد فيذكر الله وَيَحْمَدهُ ويدعوه، ثمَّ يسلم تَسْلِيمًا يسمعنا، ثمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بَعْدَمَا يسلم وَهُوَ قَاعد، فَتلك إِحْدَى عشرَة يَا بني، فَلَمَّا أسن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأَخذه اللَّحْم أوتر بِسبع وصنع فِي الرَّكْعَتَيْنِ مثل صنعه الأول، فَتلك تسع يَا بني، وَكَانَ إِذا صَلَّى صَلَاة أحب أَن يداوم عَلَيْهَا».
وَفِي رِوَايَة لِأَحْمَد وَأبي دَاوُد وَالنَّسَائِيّ «فَلَمَّا أسن وَأخذ اللَّحْم أوتر بِسبع رَكْعَات، لم يجلس إِلَّا فِي السَّادِسَة وَالسَّابِعَة، وَلم يسلم إِلَّا فِي السَّابِعَة»
وَفِي رِوَايَة للنسائي: «فَلَمَّا أسن وَأَخذه اللَّحْم صَلَّى سبع رَكْعَات، لَا يقْعد إِلَّا فِي آخِرهنَّ».
وَفِي رِوَايَة لِابْنِ حبَان فِي صَحِيحه: «كَانَ إِذا أوتر بتسع رَكْعَات لم يقْعد إِلَّا فِي الثَّامِنَة وَلَا يسلم ثمَّ يُصَلِّي التَّاسِعَة، فَلَمَّا كبر وَضعف أوتر بِسبع رَكْعَات لَا يقْعد إِلَّا فِي السَّادِسَة، ثمَّ ينْهض وَلَا يسلم فَيصَلي السَّابِعَة ثمَّ يسلم تَسْلِيمَة».
وَقد سلفت الْإِشَارَة إِلَى هَذِه الرِّوَايَة فِي الحَدِيث الرَّابِع بعد الْعشْرين وَمِائَة من بَاب صفة الصَّلَاة.

.الحديث السَّادِس عشر:

«أنَّه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُوتر بِثَلَاث لَا يجلس إِلَّا فِي آخِرهنَّ».
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده، وَالنَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيّ فِي سُنَنهمَا، وَالْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه من رِوَايَة عَائِشَة- رَضِيَ اللَّهُ عَنْها.
وَلَفظ أَحْمد: «كَانَ يُوتر بِثَلَاث لَا يفصل فِيهِنَّ».
وَلَفظ النَّسَائِيّ وَإِحْدَى روايتي الْحَاكِم: «كَانَ لَا يسلم فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوليين من الْوتر». وَلَفظ رِوَايَة الْحَاكِم الْأُخْرَى: «كَانَ يُوتر بِثَلَاث لَا يقْعد إِلَّا فِي آخِرهنَّ». قَالَ الْحَاكِم فِي الرِّوَايَة الأولَى: هَذَا حَدِيث صَحِيح عَلَى شَرط الشَّيْخَيْنِ- وَاسْتشْهدَ بالرواية الثَّانِيَة- قَالَ: وَهَذَا وتر أَمِير الْمُؤمنِينَ عمر بن الْخطاب وَعنهُ أَخذ أهل الْكُوفَة.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه: يشبه أَن يكون هَذَا اختصارًا من حَدِيثهَا فِي الإيتار بتسع.
وَفِي المُنْتَقَى للمجد ابْن تَيْمِية أَن الإِمَام أَحْمد ضعف إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث.

.الحديث السَّابِع عشر:

أنَّه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «لَا توتروا بِثَلَاث فتشبهوا بالمغرب».
هَذَا الحَدِيث تقدم قَرِيبا، وَهُوَ الحَدِيث الثَّانِي عشر.

.الحديث الثَّامِن عشر:

عَن ابْن عمر- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما- أَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «الْوتر رَكْعَة من آخر اللَّيْل».
هَذَا الحَدِيث صَحِيح رَوَاهُ مُسلم كَذَلِك مُنْفَردا بِهِ، وَفِي رِوَايَة ابْن مَاجَه: «الْوتر رَكْعَة قبل الصُّبْح».

.الحديث التَّاسِع عشر:

عَن ابْن عَبَّاس- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما- أَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «الْوتر رَكْعَة من آخر اللَّيْل».
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ مُسلم أَيْضا فِي صَحِيحه عَن أبي مجلز قَالَ: سَأَلت ابْن عَبَّاس عَن الْوتر فَقَالَ: سَمِعت النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: «رَكْعَة من آخر اللَّيْل» وَلم يذكرهُ عبد الْحق وَلَا الْحميدِي فِي جَمعهمَا.

.الحديث العشْرُونَ:

عَن ابْن عمر- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما- «أَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يفصل بَين الشفع وَالْوتر».
هَذَا الحَدِيث رَوَاهُ الإِمَام أَحْمد من حَدِيث أبي حَمْزَة السكرِي، عَن إِبْرَاهِيم الصَّائِغ، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر قَالَ: «كَانَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم يفصل بَين الشفع وَالْوتر بِتَسْلِيمَة يسمعناها».
وَرَوَاهُ أَبُو حَاتِم بن حبَان فِي صَحِيحه وَقَالَ: «بِتَسْلِيم يسمعناه».
وَابْن السكن فِي صحاحه وَالطَّبَرَانِيّ وَقَالَ: لم يروه عَن إِبْرَاهِيم الصَّائِغ إِلَّا أَبُو حَمْزَة السكرِي.
وَإِبْرَاهِيم هَذَا وَثَّقَهُ ابْن معِين وَغَيره.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم: يكْتب حَدِيثه وَلَا يحْتَج بِهِ.
وَرَوَاهُ أَبُو حَاتِم بن حبَان أَيْضا من حَدِيث الْوَلِيد بن مُسلم، عَن الْوَضِين بن عَطاء، عَن سَالم، عَن أَبِيه قَالَ: «كَانَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم يفصل بَين الشفع وَالْوتر بِتَسْلِيم يسمعناه» والوضين: قَالَ الإِمَام أَحْمد: مَا كَانَ بِهِ بَأْس. وَلينه غَيره.
وَقَالَ مهنا: سَأَلت أَحْمد إِلَى أَي شَيْء تذْهب فِي الْوتر تسلم فِي الرَّكْعَتَيْنِ؟ قَالَ: نعم. قلت: لأي شَيْء؟ قَالَ: لِأَن الْأَحَادِيث فِيهِ أَقْوَى وَأكْثر عَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الرَّكْعَتَيْنِ.
قَالَ حَرْب عَنهُ: إِن التَّسْلِيم ثَبت عَنهُ.
وَقَالَ أَبُو طَالب عَنهُ: أَكثر الحَدِيث وأقواه رَكْعَة، فَأَنا أذهب إِلَيْهَا.

.الحديث الحَادِي بعد الْعشْرين:

أَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «إِن الله قد أمدكم بِصَلَاة هِيَ خير لكم من حمر النعم، وَهِي الْوتر، جعلهَا الله لكم فِيمَا بَين صَلَاة الْعشَاء إِلَى أَن يطلع الْفجْر».
هَذَا الحَدِيث لَهُ طرق: أَحدهَا: من رِوَايَة خَارِجَة بن حذافة رَضِيَ اللَّهُ عَنْه رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي سُنَنهمْ وَالْحَاكِم فِي مُسْتَدْركه من حَدِيث اللَّيْث بن سعد، عَن يزِيد بن أبي حبيب، عَن عبد الله بن رَاشد الزوفي، عَن عبد الله بن أبي مرّة الزوفي، عَن خَارِجَة بن حذافة قَالَ: «خرج علينا رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِن الله- تَعَالَى- قد أمدكم بِصَلَاة، وَهِي خير لكم من حمر النعم، وَهِي الْوتر فَجَعلهَا فِيمَا بَين الْعشَاء وطلوع الْفجْر».
وَرَوَاهُ أَحْمد، عَن ابْن إِسْحَاق، عَن يزِيد بِهِ.
وَرَوَاهُ ابْن لَهِيعَة عَن رزين بن عبد الله الزوفي، عَن عبد الله بن أبي مرّة. أَفَادَهُ الْمزي فِي أَطْرَافه. والزوفي مَنْسُوب إِلَى زوف بن زَاهِر وعامتهم بِمصْر.
وَاخْتلف الْحفاظ فِي هَذَا الحَدِيث، فصححه الْحَاكِم، فَإِنَّهُ لما أخرجه فِي مُسْتَدْركه قَالَ: هَذَا حَدِيث صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ. وَرُوَاته مدنيون ومصريون، قَالَ: وَإِنَّمَا تَركه الشَّيْخَانِ لما قَدمته من تفرد التَّابِعِيّ عَن الصَّحَابِيّ.
وَقَالَ ابْن الصّلاح: حسن الْإِسْنَاد.
وَأعله جماعات، قَالَ شيخ الصِّنَاعَة أَبُو عبد الله البُخَارِيّ- كَمَا أَفَادَهُ الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه-: فِي إِسْنَاد هَذَا الحَدِيث رجلَانِ لَا يعرفان إِلَّا بِهَذَا الحَدِيث وَلَا يعرف سَماع رُوَاته بَعضهم من بعض.
وَقَالَ التِّرْمِذِيّ فِي جامعه: هَذَا حَدِيث غَرِيب، لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث يزِيد بن أبي حبيب.
وَقَالَ ابْن حبَان: إِسْنَاده مُنْقَطع، ومَتنه بَاطِل. مَعَ أَنه ذكر عبد الله بن رَاشد فِي ثقاته.
وَقَالَ الْحَافِظ عبد الْحق فِي أَحْكَامه: هَذَا الحَدِيث فِي إِسْنَاده عبد الله بن رَاشد الزوفي، عَن عبد الله بن أبي مرّة الزوفي، وَلم يسمع مِنْهُ، وَلَيْسَ لَهُ إِلَّا هَذَا الحَدِيث، وَكِلَاهُمَا لَيْسَ مِمَّن يحْتَج بِهِ وَلَا يكَاد. قَالَ: وَرَوَاهُ عبد الله بن أبي مرّة، عَن خَارِجَة، وَلَا يعرف لَهُ سَماع من خَارِجَة.
وَأما ابْن الْجَوْزِيّ فَإِنَّهُ لما ذكره فِي تَحْقِيقه من طَرِيق الإِمَام أَحْمد، عَن يزِيد بن هَارُون، عَن ابْن إِسْحَاق، عَن يزِيد بن أبي حبيب وَأعله بِابْن إِسْحَاق وَقَالَ: كذبه مَالك. وَبِعَبْد الله بن رَاشد وَقَالَ: ضعفه الدَّارَقُطْنِيّ. وَقَالَ البُخَارِيّ: لَا يعرف إِلَّا بِحَدِيث الْوتر، وَلَا يعرف سَماع ابْن رَاشد من أبي مرّة- انْتَهَى مَا ذكره.
فَأَما تَضْعِيفه لَهُ بِابْن إِسْحَاق فعجيب؛ فَإِنَّهُ يحْتَج بِهِ فِي غير مَوضِع، وَلم ينْفَرد بِهِ ابْن إِسْحَاق؛ بل تَابعه اللَّيْث بن سعد- كَمَا تقدم- ونقْله عَن الدَّارَقُطْنِيّ تَضْعِيفه بِعَبْد الله بن رَاشد أعجب مِنْهُ؛ فَإِنَّهُ إِنَّمَا ضعف عبد الله بن رَاشد الْبَصْرِيّ مولَى عُثْمَان بن عَفَّان- الرَّاوِي عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ- وَأما رَاوِي هَذَا الحَدِيث فَهُوَ الزوفي أَبُو الضَّحَّاك الْمصْرِيّ، وَقد أسلفنا عَن ابْن حبَان أَنه ذكره فِي الثِّقَات.
الطَّرِيق الثَّانِي: من حَدِيث معَاذ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه.
رَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده بِلَفْظ: «زادني رَبِّي صَلَاة، وَهِي الْوتر، ووقتها مَا بَين الْعشَاء إِلَى طُلُوع الْفجْر».
وَفِي إِسْنَاده: عبيد الله بن زحر، وَهُوَ مِمَّن اخْتلف فِيهِ، وَقَالَ ابْن حبَان: يروي الموضوعات. وَعبد الرَّحْمَن بن رَافع وَفِي حَدِيثه مَنَاكِير كَمَا قَالَ البُخَارِيّ. وَقَالَ ابْن حبَان: لَا يحْتَج بِخَبَرِهِ إِذا كَانَ من رِوَايَة الأفريقي، وَإِنَّمَا وَقع الْمَنَاكِير فِي رِوَايَته من أَجله. وَقَالَ الْبَزَّار: مَا نعلم من رَوَى عَنهُ إِلَّا الأفريقي، وَلم يكن بحافظ للْحَدِيث.
قلت: قد رَوَى عَنهُ عبيد الله بن زحر وَابْنه إِبْرَاهِيم، وَرَأَيْت من أعله بالانقطاع أَيْضا بِسَبَب عدم إِدْرَاك عبد الرَّحْمَن هَذَا معَاذًا.
الطَّرِيق الثَّالِث وَالرَّابِع: من حَدِيث عَمْرو بن الْعَاصِ وَعقبَة بن عَامر.
رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي أكبر معاجمه بِلَفْظ: «إِن الله عَزَّ وَجَلَّ زادكم صَلَاة خير لكم من حمر النعم: الْوتر، وَهِي لكم فِيمَا بَين صَلَاة الْعشَاء وطلوع الشَّمْس».
وَفِي إِسْنَاده: قُرَّة بن حَيْوِيل، وَهُوَ من الْمُخْتَلف فيهم كَمَا سلف لَك فِي الحَدِيث الرَّابِع عشر من بَاب صفة الصَّلَاة.
الطَّرِيق الْخَامِس: عَن أبي بصرة الْغِفَارِيّ أَن رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: «إِن الله عَزَّ وَجَلَّ زادكم صَلَاة، فصلوها فِيمَا بَين صَلَاة الْعشَاء إِلَى الصُّبْح: الْوتر الْوتر».
رَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده وَالْحَاكِم فِي تَرْجَمته، وَفِيه: ابْن لَهِيعَة، وحاله مَعْلُومَة سلفت فِي الْوضُوء، وَرَوَاهُ الطَّحَاوِيّ أَيْضا وَفِي سَنَده: نعيم بن حَمَّاد وَهُوَ من فرسَان البُخَارِيّ، وَتكلم فِيهِ واتهم بِالْوَضْعِ أَيْضا.
وَرُوِيَ مُخْتَصرا بِدُونِ تَبْيِين وقته من طرق:
أَحدهَا: من حَدِيث ابْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما «أَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم خرج عَلَيْهِم ترَى الْبُشْرَى وَالسُّرُور فِي وَجهه، فَقَالَ: إِن الله قد أمدكم بِصَلَاة هِيَ الْوتر».
رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَفِي إِسْنَاده النَّضر بن عبد الرَّحْمَن أَبُو عمر الخزاز، قَالَ يَحْيَى بن معِين: لَا تحل الرِّوَايَة عَنهُ.
ثَانِيهَا: من حَدِيث عَمْرو بن شُعَيْب، عَن أَبِيه، عَن جده.
رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيث مُحَمَّد بن عبيد الله الْعَرْزَمِي، عَن عَمْرو قَالَ: «مكثنا زَمَانا لَا نزيد عَلَى الصَّلَوَات الْخمس، فَأمر رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم فَاجْتَمَعْنَا، فَحَمدَ الله وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ: إِن الله زادكم صَلَاة. فَأمرنَا بالوتر».
وَمُحَمّد هَذَا تَرَكُوهُ، وَتَابعه حجاج بن أَرْطَاة، عَن عَمْرو.
رَوَاهُ أَحْمد فِي مُسْنده بِلَفْظ: «إِن الله زادكم صَلَاة، وَهِي الْوتر».
قَالَ أَحْمد: لَا يحْتَج بِهِ. قَالَ عبد الْحق: وَكَانَ حجاج يُدَلس حَدِيث الْعَرْزَمِي، عَن عَمْرو.
ثَالِثهَا: من حَدِيث مَالك، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، عَن النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: «إِن الله زادكم صَلَاة إِلَى صَلَاتكُمْ، وَهِي الْوتر».
رَوَاهُ أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن وهب، عَن عَمه، عَن مَالك بِهِ.
قَالَ ابْن حبَان: لَا يخْفَى عَلَى من كتب حَدِيث ابْن وهب أَن هَذَا الحَدِيث مَوْضُوع، وَأحمد بن عبد الرَّحْمَن كَانَ يَأْتِي عَن عَمه بِمَا لَا أصل لَهُ.